|
Wahhabist
|
 |
« on: July 18, 2011, 01:41 PM » |
|
قال الله لا جل ولا تعالى (ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) [ النساء : 59 ]
من المضحك جداً أن تعتقد أنك تسير على الطريقة التي تختارها ، في حين أنك تسير في مضامير مرسومة لك منذ ألف وأربعمئة سنة مضت، لا يحق لك الخروج عليها بأي حال إنساني حتى لو جلد المسير لك الظهر واخذ منك المال .
تأتي بعض الحوارات الأنترنتية غوغائية جدا رغم كونها تدور حول فهم نصٍ _ آية النساء وغيرها_ يفترض أن يكون ارشادياً بالدرجة الأولى ولكافة الناس وفي جميع شؤونهم الحياتية، إلا أن النص حاول الإبقاء على الزخم اللفظي وصنعة الأدب بما يجعله عاماً جداً وقابلاً في نفس الوقت للإسقاطات والتطويعات والتفسيرات والتسيسات وعلى مدى قرون ودول اسلامية متتابعة . ثم يأتي من يقول القرآن دليل ارشاد وهداية في الحياة العملية للإنسان في أي زمكان وبأنه الذي لا تنتهي عجائبه ولا تنقضي معانيه على الرغم من النتاج التفسيري الهائل وباختلاف المناهج لدى المفسرين!!
البعض يستغرب حب الحكام العرب للكراسي واستماتتهم في البقاء عليها ، وكأن هؤلاء الحكام ليس لهم في هذا الصنيع سلف يقتدي ويهتدي به . مات النبي محمد دون تركة مالية لأهل بيته وذويه ، بل ودرعه مرهونة عند يهودي في صاع شعير كما تقوله كتب السيرة . طبعا ذلك شأنه الشخصي ولا خلاف عليه في زهده في الدنيا والصمود على مبادئه التي عاش بها وقرر أن يموت عليها . بيد أن هذا الزهد الشخصي نجم عنه أن ابنته فاطمة لم تبايع ابي بكر الصديق من اجل أنه منعها ذلك المتاع المزهود فيه _ كما تقوله كتب السيرة وليس لاعتقادها بأولوية علي بالحكم_ وتبعها في ذلك الامتناع زوجها علي بن ابي طالب حتى موتها بستة اشهر . هذا الأمر الذي لعب دورا _ على الأقل_ رمزياً داعماً لنظرية اغتصاب السلطة في السقيفة ، والذي أدى لانشقاق الصف المسلم فكرياً عبر نشوء ما صار يعرف بالشيعة ، وانشقاقه عسكرياً بنشوء من يسمون بالخوارج ووقوع القتال والطائفية والتشرذم .
مشكلة القيادة الدينية في الاسلام أن قائدها النبي محمد يعتبر معصوما ومن نقده مهدور الدم حتى لو كان رساماً مغموراً في ضواحي كوبنهاجن . أما من حاول أنسنة مواقف الصحابة _ كلهم وليس اعيانهم كالخلفاء الراشدين_ فقط فهو منافق وخائن للدين والوطن ، لأنه ينتقد حملة الرسالة والرواة وخير القرون الذين اصطفاهم الله بحكمته وجعلهم ورثة الكتاب والنبوة . النبي محمد يفترض أن يكونا نبياً لا ينطق عن الهوى وفي كل تصرفاته خلال حكمه السياسي والديني ، الذين لا يمكن التحقق مما ماهو اجتهاد شخصي أو بأمر إلاهي وبالتالي تشريعي توقيفي . صحيح أنه_ لا تزال العهدة على كتب السيرة_ فرّق بين اصحابه الأحاديث ونص على اجتهاده الشخصي وعدم فهمه لبعض الأمور كتأبير اهل يثرب النخل أو تعليله لامتناعه عن اكل الضب ووقوع النسخ حتى في القرآن .
لكن أن يترك الأمة على المَحجة العائمة ودون تحديد حتى تبيين معالم الانتخاب أو التشاور ــ غير بعض التلميحات لأبي بكر الصديق بإمامة الناس في الصلاة وامتعاضه من امامة غيره ، وكذلك قوله لاحدى النساء بأنها ستجد ابي بكر بعدها _ولا ندري هل هذا على وجه الإخبار أو التخليف ــ كل ذلك أمر غريب مبهم .
الأغرب منه أن يقول في سياق تفضيل قبيلته ( الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم) لاحظ أن قرشيتهم وعنصريتهم هي سبب الافضلية وليس دينهم والحديث متفق عليه في البخاري ومسلم . طبعاًَ كالعادة سيبحث المؤمنون عن التوافيق أو التراقيع لهذا الحرج الاخلافي العنصري بعد التوسع و"بلوغ الأمر ما بلغ الليل والنهار" .
فهل يستطيع من اتى بعده من الخلفاء الراشدين إلا الاستمرار على نهجه في الحكم والمدة وحتى الموت؟ وهل كانت مفاجئة أن معاوية بن ابي سفيان استحدث الملكية التي بطبعها قبيلية ونوعية الترتيب والتعاطي وليست استحقاقية عادلة؟ بل هل هناك أي شيء غريب في نشوء مملكة بني أمية وتبعها بعد ذلك مملكة بني عباس ، ممالك يتم تسميتها بالدول تضليلاً وزورا !! هل هناك شيء غير اسلامي في استطاعة رجل واحد صار يلقب بـ صقر قريش أن يعبر إلى الأندلس ليقيم فيها مملكة أموية أخرى؟
حتى القاعدة الفقهية التي تقول بـ (أن الاستدامة أقوى من الإبتداء والإستئناف) ويمكن الاستدلال بها في ديمومة الحكم تحت شعار الدين وتحكيم الشريعة . من يقرأ السياسة الشرعية لابن تيمية وغيره من الكتب التراثية التي يفترض أن توضح الأمور ، سيجد بأن الحاكم الذي في الحكم يستحق البقاء في السلطة ما اقام الصلاة ولم يظهر كفراً بواحاً عليه "برهان".
كون الحاكم يقيم الصلاة فهذا امر شخصي بينه وبين ربه فلماذا يكون ذلك الأمر الشخصي ، أي الإيمان الذي للأسف لم يحصل لحد ابتكار جهاز لقياسه ، علة الحكم لا العدل؟ ليس من المبالغة أن يقال بأن الحاكم الفظين سيقيم الصلاة كضربية يسيرة مقابل بقاءه في الحكم ، والحاكم الغبي هو الذي لا يستأجر مستشاريين شرعيين يرسمون له خارطة البقاء . أما التحقق من كفره العملي أو الذي يمكن التثبت منه ، فهو اشبه بالحصول على لبن العصفور أو الكبريت الأحمر . وتعليق الأحكام الشرعية على الأشبه بالمستحيلات شيء ليس صغيراً داخل التشريعي الإسلامي ، ومن يشك في هذا فليبحث عن كيفية ثبات الزنا بالشهود ومعاينة " الميل في المكحل" .
ولو شوهد هذا الحاكم يسجد لصنم ويتقلد الصليب فإن اهل الحل والعقد _الذين يفترض أن يكونوا مستقلين في التشريع عن الجهات التنفيذية بما فيها الدواوين الملكية_ يقيمون عليه الحجة لوجود ما يسمى بموانع الكفر من جهل ونسيان الخ مما لا يفهم غوائصه إلا سماحات البشوت الأفاضل ـ يا للمهزلة ـ وفي الاثناء يمكن للحاكم متابعة جلد ظهور العامة واخذ المال العام واعتبار ما اتلفه جند السلطان وحاشيته من الآفات السماوية التي يؤمر الناس عليها بالاحتساب وصبرك يوسفي وجميل يا مواطن(**) .
واذا كان ولي الأمر مريضاً في غيبوبة كما كان الحال في الملك فهد بن عبدالعزيز فإنه ايضاً لا تصح ازاحته عن الحكم لعدم صلاحه الجسدي _وليس العقيدي_ والعقلي ويبقى في الحكم ويمثله في الحكم ولي عهده حتى يموت ويا للمهزلة. روى المهزلي في الشُعب أن الغباء بضع وستون شعبة ، اعلاها قاعدة سد الذرائع_ وهو بالمناسبة اعظم سد في العالم العربي والاسلامي_ ودفع احتمالات المفسدة الدينية فقط وكل ما يبرر تعاطي المواطن لهذا الأفيون الافتائي .
وفي الاثناء ، فإنه لو حصل انقلاب عسكري مثل ما حدث من معاوية بن ابي سفيان الذي كان والي الشام في خلافة عثمان ، أو مهّد للتغير السياسي أبو مسلم الخرساني وتم اغتصاب السلطة، فإن أولياء الأمر في الدين _ سماحات البشوت_ وعلى مضى العصور يرون بوجب المبايعة والسمع والطاعة ما دام هذا المغتصب يشهد ألا إله إلله ولا يمانع الآذان وظهر مصلياً بين الجموع. إنما المعتبر لدى هذه البشوت تحكيم الحاكم مظاهر الشريعة في الاحوال الشخصية كالنكاح والإرث وعمارته المساجد واعتياده لها _ رغما عن النسيء الحاصل منه في التمثيل والاشراك السياسي في الوطن_ مما هو زيادةٌ في الإيمان والتقوى !!!
يعني بالعربي مبايعة هؤلاء الرجال لمن غلب فقط _ هذا لم يكن اختراعا مصرياً في النهاية _ والانحياز لمن آل إليه الحكم تحت قاعد درء المفاسد وتخفيفها. ويا للسخرية والنكتة، فهل يتباعد هذا الموقف المرن جداً والمطاطي عن مواقف امريكا وبريطانيا باتجاه ما يحدث اليوم من جرائم في حق الشعب الليبي وسكوتهم حتى اذا ظنوا أن القذافي مغلوب نادوه بالرحيل وقالوا ديكتاتوري؟ ألا يستحي أي شخص منكم بعد هذا أن يغض الطرف عن هذا النوع من النفاق الحاصل في مواقفهم الفكرية والسياسية وأنهم لا يختلفون عن قاعدة امريكا السياسية التي تقول : لا توجد عداوة دائمة أو صداقة دائمة، فقط توجد مصالح دائمة؟
أما بالنسبة للسياسات الخارجية لهذا الحاكم المؤمن ــ والذّكر بطبعية الحال ــ فلا يوجد سلام دائم أو هدنة دائمة مع غير المسلمين، بل الحرب أو الجزية اذا كانت الأمة المؤمنة قوية أو الهدنة في اثناء تجميع الأمة واعدادها ذاتها للحرب من جديد حتى تتحول كل امم الدنيا إلى مسلمة أو صاغرين ودافعي جزية . ولا بأس للحاكم على المستوى الرسمي أن يسكت ازاء ما يحدث في العالم العربي والاسلامي_ ليبيا تحديداً_ من سفك للدماء تحت مسمى التريث والحكمة وعدم ارسال حتى مساعدات انسانية_ في نفس الوقت الذي تقطع فيه بعض الدول الاوروبية علاقاتها وتجمد الأرصدة_ وخلال فترة الصمت هذه فلا بأس بإتاحة المجال للمنابر والبشوت بنهي الناس في الأقطار الأخرى عن التظاهر والاعتصام والجهر بـ "لا" للظالم الذي يظهر الإسلام، وذلك توجساً وخوفاً من تحرر الناس من الأسترقاق البشتي والسياسي .
على هذا الأساس فهذه البشوت ليست إلا دروع اعلامية في يد الحاكم، ولو حصل التغيير الشبابي فسترون المواقف تتبدل لينحسر التكفير الحاصل الآن للأنظمة التي لا يوجد في اعلامها الوطنية عبارة "لا إلة إلا الله" من بلاد تحت الحكم الطاغوتي وتجب الهجرة منه إلى بلاد غير اسلامية إلا أن بها اغلبية مسلمة وبالتالي ولأن ولي الأمر يحرم عبر جوازاته التغيرات الديمغرافية فإنه يجوز البقاء فيها مع الكراهة والصبر مفتاح اربعطعش .
المضحك أن هناك من يكفر النظام المصري ويستأنس بقول ابن باز ويمتنع عن تكفير الأعيان على منهج أهل السنة والجماعة، فما هو لازم هذا الكلام بالنسبة للمواطنين غير توسد الصبر والإغماض في بضع انين؟ كيف يمكن تصور كفر نظام حكم دون افراده في الوقت الذي يقال فيه للعامة :لا تخرجوا حتى يثبت الكفر العقيدي لا العملي؟ من هم سماحات البشوت الكبار الثقات _الذين وبدون تصريح يجعلهم البعض في محل العقد والحل _ غير هيئة كبار العلماء التي يتم اختيارها من قبل الحاكم ذاته؟
يعني الحاكم يختار قضاته ومفتيه ثم يراد منهم اصدار حكمٍ بكفره؟ بل إن سيناريو تورع وطلب البشوت الإعفاء من إمامة الناس الشرعية أو الإحالة للتقاعد اقرب إلى التحقق والحصول والواقعية من خلعهم مَن يستمدون منه سلطتهم التشريعية ، وعجبي على هذا المنطق لا ينقضي !! وعلى مستوى المعاملات العامة فيكاد أن يستحيل إيجاد بيانٍ واحدٍ من هيئة كبار البشوت ضد الحاكم جهاراً نهاراً مما يستحقون به احترام العامة ، ويتجاوز ذلك البيان مماحكات الإسرار بالنصيحة والجهر بالمودة وتخدير رجل الشارع المؤمن .
هي ذات الفكرة التي تكفر بالإنسان وبرجل الشارع ــ وتقيم المهابة في صدره للنخبة الدينية والسياسية فقط ــ من تقيم وتزن الإنسان في الوطن العربي على قدر دينه ونوع انتماءه العرقي، فالعامة ومن لا علم شرعي لهم حتى لو كانوا دكاترة ومهندسين يتم وصفهم بـ الهامة والدهماء الذين يجب أن يتوصى عليهم المتدينون البشتيون باعتبار انهم ولاة الأمر في الفكر . هذه المحسوبية تطال الحكام في اصقاع العالم العربي ، فتجد أن النظام الأردني يعني صلة رحم إلى السلالة النبوية وكذلك النظام المغربي ، لأن القيمة التي يمكن أن يحصل عليها أي انسان في هذه المنظومة السياسية نابعة من علاقته بربه ونسبه وقبيلته ، وليس لأنه انسان . تباً لهذا الغباء العربي حتى مطلع الفجر!
|
Donations
